متى تتحرر أسفي من الفوضى العارمة ؟ ومن يعيد الاعتبار لحاضرة المحيط بقرب الانتخابات الجماعية والجهوية !؟
رغم التاريخ العريق الذي شهد لها بالريادة عالميا ، بمؤهلاتها الإستراتيجية ، ومواردها الفلاحية والسياحية والصناعية التي تزخر بها ، لم تستطع أسفي حاضرة المحيط كما سماها ابن خلدون ، تطوير نفسها كباقي المدن أو حتى بعض "الفيلاجات" التي عرفت قفزة نوعية وتطورا بارزا في بنياتها التحتية ومرافقها العمومية … .
لقد أصبحت اسفي تعيش فوضى عارمة ، بدا من الطرقات التي "تشرملت" من طرف شركة اتصالات بعد تعبيدها ، والمدارات الجرداء والقاحلة وساعة الجريفات التي تشير إلى الوقت الميت حيث مازحني احدهم : "واش سلات ليها الحجرة، ولا المسؤولين لي مساليين في هاذ المدينة" لا وجود لحدائق أو متنفسات للساكنة غير حديقة "السانية المحتلة "وحتى منتجع سيدي بوزيد مبرعين فيه علية القوم من المنتخبين والمسؤولين .
اسفي راهنت على السياحة وعجزت عن ترميم برج البحر والكورنيش الشوهة الذي أصبح مقبرة المنتحرين ، وعن إعادة هيكلة شاطئ المدينة ومسلسل نهب الرمال الذهبية شمالا وجنوبا ، وغابة الموغثين التي تحولت الى فيلات سكنية ، أمام صمت الجميع والثلوث البيئي الذي قلص عائدات السردين واثر على قطاع الخزف، واختفت معه معالم المدينة السياحية بشكل عام .
اسفي راهنت على المجمع الشريف للفوسفاط والمحطة الحرارية من اجل تشغيل ابنائها الا انها لم تستفد غير التلوث والاختناقات، وعجزت عن الاستفادة من مداخله أو حتى مساهمة في تنميتها من خلال خلق فضاءات خضراء وحدائق في المستوى ومرافق عمومية طبية ، ثقافية … ، وعن إحداث حي صناعي لجلب المستثمرين، بعدما افلست مصانع السردين بطريق الجرف التي تحولت إلى أطلال وأصبحت مخازن سوداء لزيت كوانو …وبالتالي اختفت جمالية المدينة بشكل كلي .
المدينة التي راهنت على الفلاحة ، ومازال الفلاحون يعانون الفقر وقلة الإمكانيات خصوصا قطاع الكبار الذي يعرف هيمنة وسطاء (سماسرة) شركة على دواليبه وبالتالي تتزايد الهجرة القروية بتزايد الباعة المتجولون الذين احتلوا شوارع المدينة.
المدينة راهنت على مجلسها البلدي العجيب من نوعه في تاريخ المجالس الحضرية حيت أصبح بعض الأعضاء من الأثرياء وممن يملوك الفيلات والسيارات الفارهة واختفوا عن الوجود، وتركوا الساكنة "للكاتب العام" الذي تحول إلى مستشار ونائب برلماني …(لقد سألني احدهم واش هدا مستشارولا برلماني ؟)
وكدا الأحزاب "لي مكتبان" غير في الانتخابات ونسيت وتناست دورها في تاطير الشباب على الممارسة السياسية وتحولت من مناضل إلى موزع للمهام بين قادة مسيطرين ومعمرين لعقود خلت .
المدينة راهنت على الوالي "لبجيوي" ابن مدينتها الذي قام بإصلاحات بسيطة ، وسد الباب على المفسدين وانفتح على المجتمع المدني ولكن مادا تفعل يد واحدة مع لوبيات الفساد واش الوالي هو "لي مصوطين عليه " في الانتخابات ؟
المدينة راهنت على المشاريع الكبرى الميناء الجديد ،الطريق السيار والمحطة الحرارية من اجل تصنيفها في قائمة المدن الكبرى المتطورة ، ولم نلمس لحد ألان أي تغيير يذكر، فالشركات العملاقة الوطنية والاحنبية ، تبحت عن الربح المادي على حساب حقوق يد عاملة رخيصة من ابناء اسفي ، غير آبهة بالمساهمة في تنمية المدينة أو حتى الالتزام بدفاتر تحملاتها .
فمن يعيد الاعثبار لحاضرة المحيط ويحررها من هذه الفوضى العارمة ؟ ومن ينقدها من براثن لوبيات الفساد ؟ خصوصا ونحن على مشارف الانتخابات الجماعية والجهوية التي ستحدد مستقبل أسفي للخمس سنوات المقبلة .
منير الغرنيتي