فاتح ماي العجيب شعارات ” غا تشعل ” رددتها جميع النقابات بما فيها المقربة من الحكومة ….
بقلم احمد الحضري :/
استمعت إلى أكثر من كلمة ألقاها نقابيون وسياسيون بمناسبة العيد العمالي اليوم. تتشابه مضامينها ومطالبها النقابية والاجتماعية. حتى المتكلم باسم الحكومة كانت كلمته تشبه ما يقال بالتلفاز الرسمي..شعارات تنعي الحالة الاجتماعية التي يعيشها المواطن المغربي، وتهدد وتشير إلى حالة الاحتقان التي تنذر بالأسوء. معظم الكلمات تبدوا كأنها مكررة.. فقط منقولة عن السنوات السابقة..الحكومات المتاعقبة متهمة بحالة “العود”؟. شعارات ” غا تشعل ” التي رددتها جميع النقابات بما فيها المقربة من الحكومة كانت محفزة لمزيد من ” الصياح”، ولدفع الحنجرة أن تتحمل أكثر. وإذا شعر أي مناضل بالعطش فماء الروبيني كفيل بإطفاء عطشه، لأن المناضلين مقاطعون لسيدي علي..خاصة القيادات “البرجوازية” مقارنة مع الطبقة المسحوقة من المناضلين المقاطعة لجميع انواع المياه المعدنية ومنذ مدة، رغم انها ناشطة اليوم في المقاطعة فيسبوكيا.. كان المنظمون أو من يحملون الشارات يقومون بعملية غاية في الروعة واليقظة وهم ينظمون الصفوف، يحرصون أن تنتظم في إطار عشرة “نفر” في الصف الواحد، تفرق بين الصفوف مسافة محترمة بناء على عملية ” تجبيد” للصفوف حتى يتراءى للمتتبع أن القوم كثيرون ويستطيعون تغيير الموازين!!لاقصد المهرجان( الفني) بطبيعة الحال.أغلب المستضعفين الذي يحتفلون بيومهم الأممي يستجيبون فقط، لانهم يخضعون لعملية الإحصاء من طرف حاملي الشارات، كي لايحاسبون او لا يحرمون من تبني المنظمة لملفاتهم والدفاع عنها، منهم من يستحيب لأجل تكثير سواد منظمته العتيدة، ورفع عدد مناضليها وإظهار هيبتها والتباهي على النقابات المنافسة. لا شيء تغير خلال هذا الفاتح ماي العجيب!!شعارات قوية بمثابة عقاقير للتنفيس، نفس الرموز التاريخية والسياسية والنقابية تعتلي المنصة، وتحتل الصفوف الامامية للمسيرة، تسير ببطء شديد، وتلتفت للذين يأخذون الصور مبتسمة من اجل الذكرى، فهي تنفع المؤمنين. كلمات ألفها الناس واعتادوها، شعارات تتشابه، سيارات الامن والقوات المساعدة توحي أن شيئا ما سيقع!!؟؟ رجال أمن بلباسهم الرسمي والعادي يطوقون جميع الشوارع وكأنها حالات استنفار قصوى، مخبرون وأعوان سلطة لا تخفى عليهم خافية، يكتبون الشعارات والكلمات واسماء من يعرفون من الحاضرين وارقام السيارات..مقابل اعداد المناضلين التي تتضاءل سنة بعد سنة، غياب عن سبق إصرار وترصد يعرفه من يعنيهم الأمر..ومن يسجلون التقارير..
هذا الانطباع القاتم جعلني اعود بالذاكرة آلى السبعينيات القرن الماضي، وأتوق لو عدنا لمرحلة الصبا حين كانت امهاتنا بعد تهييء وجبة الغذاء باكرا، تجمعنا ونحن صغار وتحرص ان “نتفرج” على جميع أطوار ” الديفيلي ” يوم فاتح ماي..تحوطنا وتحرصنا كما تحوط الدجاجة افراخها خوفا ان يصببها مكروه..
العمال بجميع القطاعات نساء ورجالا يجسدون ورشات العمل فوق شاحنات كبيرة تمر من اكبر وأهم شوارع المدينة، تتقدمهم أجواق الموسيقى بلباسهم الجميل. كانت امهاتنا تجري بنا من مكان إلى آخر كي لا يفوتنا شيء وكنا ونحن صغار نتسابق ونحاول ان نتسلل من عيون وايدي امهاتنا كي نقف في امكنة تمكننا من الاستماع إلى موسيقى”لا كليك ” . كنا مبهورين بالبحارة والعاملين بمعامل تصبير سمك السردين، وهم يجسدون عملهم. وكان الشعار الغالب الذي ترفع النساء ويقضي على جميع الشعارات ويقهرها هو “ها الكاديما عاش مولاي الحسن ” اي” هكذا دائما عاش مولاي الحسن”لم نكن نعيي او ننزل للديفيلي كي نستمع لكلمات “الرموز ” كما اليوم، رغم اننا لم نسمع أي جديد اليوم!!؟؟ ومع ذلك كنا نتمتع على عكس اليوم، حيث نتخوف أن يستمر الياس الذي دفع كثيرين للجلوس في المقاهي وفي الطرقات مقاطعين نقاباتهم بل رموزهم النقابية والسياسية، كما قاطع المغاربة سيدي علي وسونترال وإفريقيا.
مقالات الراي تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس بالضرورة وجهة نظر “اسفي جنوب”.