مستعجلات الموت والمسار الاسود داخل المستشفى الاقليمي بآسفي

منير الغرنيتي مدير نشر جريدة أسفي جنوب

كما وعدنا قرائنا الاعزاء بنشر تحقيق ووقائع جرت داخل مستعجلات الموت و المسار الاسود للمستشفى الاقليمي بآسفي، بدءا من الدخول الى المستعجلات من بين القضبان الحديدية التي تشبه السجن المدني في اتجاه المسار الاسود الذي يستدرجك الى المصحات الخاصة ان كنت من الميسورين او الى مستودع الأموات ان كنت من الفقراء والمعوزين .

بلا شفقة ولا رحمة تستقبلك المستعجلات ب”خلص عاد ايشوفك الطبيب ولو كنت مقسوما شطرين” ينظر اليك “السكيرتي” وهو يحمل اوراق الاداء “سير خلص40 درهما او شد الصف مع خوتك” اما طريقة الاداء فتختلف حسب المواقف فقد روى لي احدهم انه ذهب ليلا من اجل اداء 40 درهم ولم يجد الموظف بالمكتب الزجاجي ورجع  عند الطبيب فقال له “حطها فوق البيرو حتى نخلصوها ليك” ، لاتسمع الا الضوضاء والضجيج وصراخ المرضى اغلبهم يفترشون الارض واخرين فوق نقالة معطلة (ان وجدت) لاتصلح حتى لنقل البضاىع فكيف بالمرضى ، هذا الجو العكر يخلق عادة الاحتقان والشجار لعائلات المرضى وكنت قد وقفت على حالة ام حالتها تدل على فقرها تحمل بين دراعيها النحيلتين رضيعها المغمى عليه بفعل حرارته التي اقتربت من الاربعين درجة ولم يسمح لها برؤية الطبيب وبقيت تصرخ وتترجى الحاضرين من اجل ثمن 40 درهم الى ان استقبلتها احدى الطبيبات “السطاجيرات” وكتبت لها ورقة بضرورة اخد حقنه “اسبيجيك” لخفض حرارة الرضيعة ولكن الطامة الكبرى هي جواب الممرضة “معدناش هاد البرة.. الوزارة شحال هادي مصيفتتهاش لينا ” لتدخل الام في حالة هيستيرية خوفا على رضيعتها ويبدا الحضور بنصحها استعمال الخل والبصل في جوارب الرضيعة فأخدتني الحصرة على تخاذلنا وسكوتنا الجبان والغضب على المسؤولين في هذه المدينة المنكوبة .

اما بخصوص المسار الاحمر فقد تحول لونه الى السواد بأفعال ممرضين وممرضات واطباء وطبيبات تجار في المرضى نسوا القسم الذي اقسموه بخدمة المريض وصحته لايخافون الله قلوبهم كالحجارة لا ترق لصراخ وانين المرضى هنا وهناك من المسنين المجهولين ، الفقراء والمساكين وحتى المجانين يطلبون العلاج ويصرخون “وفينك اطبيب العار العار عيطو اعليه ” ولكن لا حياة لمن تنادي اناس اعمتهم اغراءات المصحات الخاصة والمصالح الشخصية مع الاطباء الاخصائيين بإرسال ملفات المرضى وتقاريرهم الصحية تمهيدا لاستدراجهم ، هذا ولا ننسى ان نستثني ونشد بحرارة على اطباء وطبيبات وممرضين وممرضات واطر ادارية شرفاء ونزهاء وهم يعدون على رؤوس الاصابع ومعروفين داخل المستشفى .

لا تسمع داخل المستعجلات والمسار الاسود الا “السكانير خاسر الراديو مخدامش التحاليل اغلبهم مكينينش الطبيب الاخصائي حتى لغدا عاد ايجي حتى اموت لموت” فعن اي مستعجلات و مسار يتحدثون ؟ هناك محاباة ومجاملة للأطباء من اجل عدم ازعاجهم في نص الليل رغم انهم يتقاضون اجرا مضاعفا عن الديمومة من ضرائب الشعب وحتى ان تم الازعاج والاتصال بهم لحالة مستعجلة فاغلبهم لا يلبون النداء ولا يعيرون حالة المريض اي اهتمام حتى ان مات متأثرا بآلامه فهو امر عادي لايفتح اي تحقيق ولا تحمل المسؤولية للتأخير في التدخل والاهمال لينتهي المطاف بالمريض الى مستودع الاموات ليرتاح هو وعائلته من العذاب ،  وان كان من الميسورين فانك تسمع “بغيتي المريض اعيش وسيروا ديروا ليه الراديو السكانير والتحاليل… علا برا حنا راه حتى حاجة مخدامة عدنا” كيف يعقل لمريض بين الحياة والموت يدخل للمستعجلات ويخرج منها لاجراء الفحوصات بالمصحات الخاصة ثم يعود اليها مجددا ماهذا العبث والاستهثار بمصير هذه الساكنة الطيبة والمحكورة بسبب طيبوبتها.

اطباء يمتطون السيارات الفراهة ويسكنون الفيلات ويبنون الفيرمات رغم حداثة عهدهم بالمستشفى ويمشون على اطراف اصابعهم تكبرا وتيها لا كلمة طيبة ولا انصات للأوجاع المرضى الا لمن يدفع اكثر او يستدرج خارجا للمصحات الخاصة فمن اين لهم كل هذا الغنى و الترف؟ كل شيء فيه التبزنيس من المواعيد ، معدات الجراحة ، سرير فارغ لإجراء عملية ،عدسة العين ،السكانير ، الراديو وانبوب الدياليز …. المهم “احلبوك ” بطريقة مباشرة او غير مباشرة .

والذي لا يعلمه الكثير هو العيادة الخاصة داخل المسار الاحمر وهي قاعة مغلقة على الدوام نظيفة مجهزة احسن تجهيز ولا تفتح الا للمحظوظين من اجل فحصهم والكشف عليهم بعيدا عن الآهات وصراخ المرضى في القاعة الثانية المملوءة عن اخرها بالفقراء والمعوزين بحيث ان اصحاب المسار الاسود “تمسهم في عينهم ولا تمسهم في هذه القاعة ” لأنها ببساطة “العوينة” التي من اجلها هم يتواجدون وحتى الاطباء الذين يتم المناداة عليهم من المسار الاسود يرفضون الكشف عن المرضى بهذه القاعة لانهم يعرفون ان من يدخلها اما مؤدي الثمن لاحد ضعاف النفوس او من المحسوبين ولا يودوا ان يكونوا جزءا من اللعبة بدون مقابل ، وهذه وقائع وقفت عليها بنفسي وكن اتشاجر مع مسؤولي المسار واسألهم لماذا هذه القاعة مغلقة؟ ولماذا لا تفتح في وجه العموم؟ ولماذا يقول جميع الاطباء على اختلاف اختصاصاتهم “خرج ليا المريض من تم الا بغيتيني نشوفو” ؟ .

 اين هم صناع القرار ومسيري الشأن المحلي بآسفي ؟ واين هو وزير الصحةوسياسته اتجاه الوضع الصحي بأسفي ؟ فمدير المستشفى مغلوب على امره “اومباغيش الصداع مع النقابات والحقوقيين والجمعيات…” والمندوب ذهب وراء المحسنين يبنون الحجر ويتركون البشر تركوا الاولويات بالتجهيزات والمعدات الطبية وتوفير الموارد البشرية وذهبوا للكماليات بالهدم واعادة البناء وهو مالم يقبله البعض منهم حتى وصل الى مسامعنا ان احد المحسنين كان قاب قوسين من رفع شكاية لدى وكيل الملك بعدما وجد عراقيل في تبرعه بمعدات والات تصفية الدم لقسم الدياليز وصلت تكلفتها الى ازيد من 50 مليون ليطرح السؤال العريض ؟ اين تضخ اموال تبرع المحسنين وكيف يتم صرفها ولماذا تصرف على الحجر وليس على البشر ؟.

اسئلة ربما يجيب عليها التحقيق المقبل …

 

 منير الغرنيتي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.