الجمعيات المهنية وصناديق البحر

بقلم محمد عكوري/

في قطاع الصيد الساحلي تطرح قضية الاقتطاعات لفائدة الجمعيات المهنية وصناديق البحر عددا من الأسئلة الشائكة، وهي أسئلة ما تنفك تتضاعف مع مرور السنوات، دون أن تكون لها أجوبة شافية وكافية. لأن تلك الاقتطاعات التي تصل إلى مبالغ طائلة، لا تعود بالنفع على البحار من جهة ولا يظهر لها أثر إيجابي على القطاع من جهة ثانية، ثم إنها من جهة ثالثة تبعث على الاستفسار دوما عن مدى خضوعها لرقابة الدولة على الأقل من طرف الإدارات البحرية والسلطات الإقليمية، ناهيك عن السلطة القضائية، كما أن الجموع العامة للجمعيات والصناديق المستفيدة من الاقتطاعات نادرا ما تنعقد. وإذا ما انعقدت فإن تقاريرها المالية غالبا، ما تقدم مفتقدة للضبط، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب من الشفافية، هذا دون إغفال أن المكاتب المسيرة لا تتوفر باستمرار على النصاب القانوني، وتظل المسألة المالية سببا رئيسيا يدفع المسيرين إلى العمل كيفما اتفق، خوفا من تجديد المكاتب المسيرة في جموع عامة لا بد فيها من تقديم تقارير مالية.
غن هذه الخلفية المغرضة هي ما حول كثيرا من الجميعات والصناديق البحرية إلى كيانات شبحية توجد على الورق من غير أن تخلف أثرا على أرض الواقع، حتى أن كثيرا منها لا يسمع لها اسم أو صدى، فيما بعضها أصبح يتعامل مع الإيداع القوانين كـ “ورقة بيضاء” تتيح له الاستمرار في الظل لخدمة أهداف ضيقة وشخصية تمر قطعا عبر الاستفادة من الاقتطاعات المجحفة التي تؤخذ من دخل البحار دون استشارته في كثير من الأحيان، وهذا ما يجعل علاقة البحار بهذه الاقتطاعات علاقة معاناة ومكابدة صامتة قلما تعرض للنقاش وسط سيل من الهموم القطاعية الأخرى. والرهيب في الأمر أن يسري على الاقتطاعات لشركات التأمين ما يسري على الاقتطاعات لفائدة الجمعيات والصناديق البحرية، فهي أيضا لا تعود بالفائدة على البحار، وإن كانت تقتطع من دخله فالتأمين على الصحة لا ينفع البحار شيئا أمام المصحات التي ترفض استقباله، إما الجمعيات والصناديق فلا توظف الاقتطاعات التي تدخل حساباتها لخدمة البحار ولو في أبسط الأمور، إذ لم يسبق لأية جمعية انتظمت يوما دراسيا أو تحسيسيا أو قافلة طبية أو نشاطا اجتماعيا من هذا القبيل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.