التلوث الثقافي بآسفي إلى أين ؟!

منير الغرنيتي مدير نشر جريدة أسفي جنوب

غالبا ما يرتبط إسم آسفي بالثلوث البيئي الناتج عن المنشآة الصناعية الكبرى التي تحاصره من جميع الجهات إسمنت المغرب شمالا والمركب الكيماوي والمحطة الحرارية جنوبا ومعامل الجبس شرقا حتى أصبحت تعرف بمثلث برمودا للثلوث الداخل مفقود والخارج مولود .

ولكن الجديد في الأمر هو ماأصبح يعرف بآسفي بالثلوث الثقافي الناتج عن كثرة التفاهات التي تعرض في القاعات المغلقة وفي الهواء الطلق والتي لاتلقى إقبالا واسعا من طرف الساكنة نظرا لميوعتها وشعور الكل بخطورتها في طمس الهوية الثقافية والتاريخية لحاضرة المحيط ورغم ذلك فإن أصحاب هذه التفاهات مازالوا يتفننون في صناعتها وتوفير الدعم المالي لها من شركات التلوث البيئي.

والغريب في الأمر أن مايعرض بآسفي من تفاهات يتم التحضير لها في سرعة البرق وتوفر لها كافة الإمكانيات و الأموال الطائلة ، ففي رمشة عين يتم التنسيق بين شركة محتكرة للتنظيم تخلق الحدث أي تخلق البركة العكرة لكي تصطاد فيها بمناسبة وبدونها وتعرف من أين تأكل الكتف مع مسؤولي شركات الدعم وبين جمعية يتم إحداتها لهذا الغرض بالذات ، لا تقوم بأي نشاط تحسيسي أو توعوي أو تكويني طيلة السنة سوى تنظيم التفاهة و تسجيلها في دار التسجيل والمحافظة لكي لايتم سرقتها من جمعيات المتربصين وهو مايثير السخرية فعلا.

لقد أصبحت التفاهة بآسفي عنوان للثقافة ومصدر جمع الملايين تحت شعار “جري اعليا نجري اعليك” و”اضحك اعليا نضحك اعليك” و”اشطح ليا ندردك أعليك”  حتى اختلط الحابل بالنابل وأصبح “الطايح أكثر من النايض” وطمست هوية حاضرة المحيط  الراسخة في جذور الثقافة والتاريخ .. وبالموازات مع هذا التخبط والتناقض بين الواقع المرير وزيف مايتم التسويق له ، توقفت عجلة التنمية وكثرت البطالة والعطالة وانهارت البنيات التحتية وشيدت العمارات في المساحات الخضراء وازداد الثلوث بأكبر منه حتى أصبح السياح يفرون بحرا وبرا تاركين أصحاب التفاهة يضحكون على الذقون .

فهل الغرض كل هذا هو التستر على مايقع بآسفي من جرائم بيئية ؟ أم هي مهرجة لتسويق صورة مزيفة على ما تشهده المدينة والإقليم من توقف لعجلة التنمية رغم الثروة الهائلة التي تتوفر عليها ؟ أي “گولو العام زين أوسكتوا” ، لم نعد ندري مالذي يحدث في آسفي وما الغرض من كل هذه التفاهة والثلوث الذي إنتقل من البيئة الى الثقافة؟! .

 

 

تعليق 1
  1. ابو جمال الدين يقول

    يعتبر مصطلح التلوث الثقافي من المفاهيم المرتبطة بالبيئة، إلا أن هذا الاصطلاح فاق استعماله في جانبه الأولي وأصبح يأخذ طابعا متعدد الجوانب لما له من إلتصاق واضح لمختلف المجالات خصوصا تلك المرتبطة بالانسان.
    إن الثقافة باعتبارها المكون الأساسي لمعارف ومكتسبات الإنسان التي يربى عليها من خلال عالمه الخارجي ومؤسساته الإجتماعبة أصبحت تعاني من أشكالية كبيرة تستدعي الوقوف عند معالمها لتوضيحها والأخد في تفاصيلها؛ إنها إشكالية التلوث.
    موضوع التلوث الثقافي ليس بالموضوع الجديد بل هو ذلك المفهوم الذي تعاقب عبر الحضارات واستعمل كسلاح للسيطرة و الهيمنة الثقافية وهو بذلك تجاوز علاقة النمو الثقافي بالفكر الإنساني ليضع حدود تندثر فيها تلك العلاقة لتعيش أزمة ثقافة أوبالأحرى تتبنى المفهوم، اي أصبحنا نعيش تلوث ثقافي….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.