موسم صيد الأخطبوط ..الحرب الضروس

الاخطبوط …هذا الكائن الرخوي ذو الثمانية ارجل الذي يعول على بركته بالخصوص كثير من بحارة الصيد التقليدي,  و كانه ولي من اولياء سبعة رجال الراقدين بالمدينة الحمراء, إنه  الشخصية  المحورية التي تنسج حولها خيوط و مشاهد قصة حقيقية تستمد احداثها من الموانئ المغربية على طول 3500كلم,قصة توفرت كل عناصر حبكتها من عقدة و زمكان و احداث ما عدا النهاية التي ينتظرها المهتم و المتتبع لذلك الصراع الابدي داخل الميناء و خارجه و ما تصاحبه من معاناة لا يوقف نزيفها الا الانتهاء المؤقت لموسم صيد الاخطبوط, و كأن البحر يخلد طقوس العذاب السيزيفي على كل من اختار ان يكون جزءا من اجزاء هذه القصة الملحمية.

حتى لا أكون متخيلا في استقراء عناصر و احداث هذه القصة كنت ملزما ان ازور بعض الموانئ و قرى الصيادين و نقط التفريغ حيث يتواجد بحارة الصيد التقليدي لاطرح السؤال عن دور الوزارة الوصية في صيرورة مواسم صيد الاخطبوط, و لا اخفيكم سرا ان الآراء -على اختلاف التعابير و الالفاظ المستعملة في الاجابات- كسرت افق انتظارا تي حين تم حصر دورها في الاعلان عن بداية الانطلاق رامية بالمسؤولية الكاملة الى المصالح الخارجية –المندوبيات  و المندوبيات الفرعية التابعة لها, الأمر الذي لا نملك معه الا نصف دورها بالباهت, او دورا ثانويا حتى نبقى في سياق القصة.

في خطوة استباقية تلجا المندوبية قبيل انطلاق رحلات الصيد الى جمع كوادرها و اعوانها  لتشخيص الحرب السابقة و الافراج عن الخسائر و المزالق و كذا التعثرات التي شابت الخطة السابقة في تلك الحرب الضروس, وفتح باب الحوار لمناقشة الاقتراحات لإنجاح موسم الحرب القادمة امام خصمها الصنديد العنيد,ثم وضع خطة بديلة قابلة للتنفيذ رغم الاكراهات المتمثلة بالأساس في النقص الحاصل على مستوى الموارد البشرية دون الحديث طبعا عما اذا كانت هذه الموارد تتمتع بنفس الكفاءة اللازمة  لممارسة المهنة نظريا و تطبيقيا…

على سبيل المجاز اعتبرت موسم صيد الاخطبوط حربا ضروسا تدور رحاها بجميع الموانئ المغربية,حربا يقود زمامها مناديب الصيد البحري و موظفيهم ,هامش ربحهم الانتصار للقانون المنظم الذي يتصدى لمحاربة الصيد غير القانوني و غير المنظم و غير المصرح به, اما الخصم العنيد فاولى اهتماماته و هو يستعد لخوض هذه المعركة هو تحقيق الربح السريع الخيالي مستعملا جميع الطرق دون الاحتكام لشرعيتها او قانونيتها من قبيل اختراق كل السلطات المينائية و شراء الذمم , و التشكيك في نزاهة كوادر و اعوان المندوبية من خلال ترويج الاشاعات و الاكاذيب متبنيا فكرة(كل شئ مباح في الحرب).

خطط المصالح الخارجية يمكن وصفها بالمتوقعة على اعتبار لوبي القطاع  اصبح محترفا متضلعا في الاعداد القبلي لخطة بعيدة المنال عن تصور خصمه الممثل في الجهاز الرقابي التابع لكل السلطات الموكول لها مهمة ضبط المخالفة و اجراء المتابعة , لم  تعد الحرب القطاعية تفسح المجال للعشوائية , بل اصبحت حماية المصالح في كلا الطرفين قائمة على ثنائية التخطيط و التخطيط المضاد.

حتى تضع الحرب اوزارها اعيدوا مفهوم “الكومندار” الذي كان يدير شؤون الادارة بقبضة من حديد ,توخوا الحيطة و الحذر في التعاطي مع اخبار المغرضين و المسترزقين و الوشاة حتى لا تكونوا من الذين وصفهم جبران خليل جبران “مثلنا في التعامل مع ثقافة الاخر كرجل فقد اضراسه او طفل مازال في المهد” اشارة منه الى اقتصارنا على ما هو هامشي دون الارتقاء الى التمحيص و التحري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.